أَثَر الانتخابات الرئاسية 2024 على السياسة الخارجية الأمريكية
2023-11-172070 مشاهدة
Download PDF
ملخص تنفيذي:
ينبع الأثر المهمّ لانتخابات عام 2024 في الولايات المتحدة من اختلاف الآراء بين المعسكرين السياسييْنِ الرئيسييْنِ؛ الديمقراطي والجمهوري، حول أبرز ملفات السياسة الخارجية. سيُحدّد السباق الانتخابي الرئيس الأمريكي وغالبية مجلسَي الكونغرس، ولكل من هذه المؤسسات الثلاث دور أساسي في صناعة قرار السياسة الخارجية الأمريكية من حيث التخطيط والصياغة والتنفيذ.
أبرز الملفات التي تختلف آراء المعسكرين السياسيين الأمريكيين فيها هي الغزو الروسي لأوكرانيا، والصين، والشرق الأوسط عموماً وإيران خصوصاً، ومواجهة تغيُّر المناخ. فيما يخص أوكرانيا يؤيد الديمقراطيون تقديم جميع أشكال الدعم إلى الحكومة الأوكرانية في حربها ضد الغزو الروسي، والتي تجاوزت حتى الآن 75 مليار دولار[1]، في حين يعارض غالبية الجمهوريين تورط الحكومة الأمريكية في الحرب الذي قد يؤدي إلى صراع أكبر مع روسيا ويدفع روسيا إلى أحضان الصين، وتؤيد شريحة أصغر من الجمهوريين من المحافظين الجُدُد تقديم الدعم إلى أوكرانيا.
فيما يتعلق بالصين، يشترك الحزبان في النظر إلى بكين على أنها خصم للولايات المتحدة على الساحة العالمية، لكنهما يختلفان في التعاطي معها؛ ففي حين يدعو الديمقراطيون إلى تبني نهج أكثر تعاوُناً حول المصالح المشتركة، يُفضّلُ الجمهوريون المواجهة مع الصين من خلال فرض أقسى أشكال العقوبات والتصعيد في عدد من الملفات الشائكة في العلاقة بين البلدين.
أما في الشرق الأوسط، يتّفق المعسكران على سياسة تخفيف الثقل الأمريكي في المنطقة المستمرة منذ عهد الرئيس باراك أوباما وعلى مواصلة تقديم الدعم لإسرائيل، لكنهما يختلفان في التعاطي مع الملفّ الإيراني الذي تتفرع منه محددات تملي قواعد التعامل الأمريكي مع بقية الملفات في المنطقة. ينطلق الديمقراطيون في تعامُلهم مع المنطقة من ضرورة إعادة إحياء الاتفاق النووي مع طهران، الأمر الذي كان يعني خلال العَقْد الماضي التغاضي عن تَبِعات التمدُّد الإيراني في المنطقة، في حين يعارض الجمهوريون الاتفاق الذي يرون أنه أضعف من أن يُلزِم إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، وأن يضغط للتأثير في سياستها الإقليمية.
وفضلًا عن الأثر الذي ستجره نتيجة الانتخابات على السياسة الخارجية الأمريكية، فإن هناك أثراً يسبق الانتخابات بشهور، ويتمثل في الوعود التي يطلقها المرشحون والزعماء السياسيون في فترة الحملات الانتخابية، والتي ستؤثر في نظرة الدول الأخرى تجاه الولايات المتحدة وتوقُّعاتهم لما ستكون عليه سياستها الخارجية لسنوات قادمة.
كما لا يخفى على المراقبين السياسيين الأمريكان رصد أثر التوجهات العالمية طويلة الأمد على المشهد الانتخابي مثل الصعود الاقتصادي الصيني، والتأهب للمفاجآت الخاطفة التي قد تقلب المشهد السياسي قُبيل الانتخابات.
العلاقة بين الانتخابات والسياسة الخارجية في أمريكا:
يتَّسم أثر الانتخابات على السياسة الخارجية بالتعقيد، إذ لا توجد معادلة واضحة لقراءة الاتفاق أو الاختلاف المحتمل بين السياسة الخارجية للإدارة الجديدة وسياسة الإدارة القديمة، لكن من الضروري في هذا السياق تسليط الضوء على عدد من العوامل التي من شأنها التأثير في صُنع قرار السياسة الخارجية، مثل المشهد السياسي المحلي، والنمط الإداري للرئيس الجديد، وطبيعة التوافُق حول الملفات، والتغيُّرات التاريخية طويلة الأَمَد، والأزمات الطارئة.
قبل كل شيء، ترتبط انتخابات الرئاسة والانتخابات التشريعية في الولايات المتحدة ارتباطاً غير مباشر وطويل الأمد بالسياسة الخارجية؛ لأنها من شأنها تشكيل المشهد السياسي المحلي الذي يحكم هذه السياسة خصوصًا العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ؛ فإذا كان الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس لا يسيطر على الكونغرس سيكون من الصعب عليه تنفيذ أجندته أو الوفاء بوعوده المتعلقة بالسياسة الخارجية؛ لأن الكونغرس يملك صلاحيات المصادقة على الاتفاقيات مع الدول الأخرى، وإعلان الحرب، والتحكُّم في الميزانية[2].
على سبيل المثال، انتُخب بيل كلينتون - المنتمي للحزب الديمقراطي - رئيسًا للولايات المتحدة عام 1993 تحت شعار "التغيير"، لكنه واجه أغلبية قوية للحزب الجمهوري في الكونغرس جعلت من الصعب عليه تنفيذ مبادراته في السياسة الخارجية، وللمضيّ قُدُماً في هذه السياسات اضطر إلى إقناع الكونغرس، حيث خاض كلينتون مواجهات ومفاوضات مع الكونغرس حول عدد من الملفات، مثل توسُّع حلف الناتو في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، وتأسيس منظمة التجارة العالمية وعقد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا"، إضافة إلى التدخلات الإنسانية في البوسنة وكوسوفو التي شكلت سابقة في عالم ما بعد الحرب الباردة[3].
لكن السلطة التنفيذية الممثَّلة بالرئيس والحكومة تملك أدوات أخرى تمكّنها من تجاوُز الكونغرس فيما يتعلق بصنع قرار السياسة الخارجية؛ فقد أدت القيود التي يمكن أن يفرضها الكونغرس على الرئيس الأمريكي إلى نزوع العديد من الرؤساء الأمريكان إلى استخدام صلاحيات القرارات التنفيذية التي تمكّنهم من تجاوُز الكونغرس لعقد الاتفاقيات الدولية واتخاذ قرارات من شأنها تغيير دفّة السياسة الخارجية الأمريكية، ورغم أن الكونغرس والمحكمة العليا يملكان صلاحية النظر في القرارات التنفيذية للرؤساء وردّها، لكن ردّها عملية صعبة ومعقَّدة[4]. أبرز مثال على ذلك القرار التنفيذي للرئيس دونالد ترامب الذي يقضي بحظر دخول مواطني سبع دول ذات غالبية إسلامية إلى الولايات المتحدة، رغم رفض عدة محاكم لهذا القرار بعد صدوره بفترة قصيرة، لكن أثره القانوني لم يُلغَ عمليًا حتى انتهاء فترة رئاسة ترامب ووصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض[5].
أبرز التغييرات التي قد تجرّها انتخابات الرئاسة ولها انعكاسها على السياسة الخارجية للبلاد، تغيُّر النموذج الإداري في البيت الأبيض؛ لأن انتخابات الرئاسة تُحدث تغيُّرًا مباشرًا في أعلى الهرم الإداري للحكومة الأمريكية، والذي قد يترافق مع تغيُّر في الأولويات والمنطلقات الفكرية والأيديولوجية للسياسة الخارجية، مما يؤدي إلى تغيُّرات جذرية. على سبيل المثال، أدى أسلوب الرئيس السابق دونالد ترامب في تجاهُل مستشاري وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات ومستشاريها وتقارير الإحاطة إلى تهميش وزارة الخارجية وتراجُع دورها لدرجة شغور الكثير من المناصب فيها دون أن يملأها الرئيس حتى نهاية فترته، كان هذا التأثير واضحًا في تراجُع الدبلوماسية الأمريكية بفترة ترامب[6].
يمكن التنبؤ بتوجُّه السياسة الأمريكية تجاه أحد الملفات بعد الانتخابات من خلال قراءة موقف الحزبين تجاه هذا الملف قبلها، حيث لا يتوقع أن يكون هنالك آثار للانتخابات على الملفات المتوافَق عليها بين الحزبين، على عكس الملفات الخلافية، ففي حال وجود ما يشبه التوافُق بين المعسكرين السياسييْنِ حول أحد الملفات مثل تزويد إسرائيل بالسلاح لضمان تفوُّقها العسكري الإقليمي مثلًا، لا يُرجَّح أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير في السياسة الأمريكية تجاه هذا الملف، وكلما زاد الاختلاف بين المعسكرين حول أحد الملفات مثل الملف الإيراني والاتفاق النووي مع طهران، زادت أهمية الانتخابات في تحديد مسار السياسة الخارجية تجاهه.
ومن أهم ما قد يقود دفّة السياسة الخارجية التغيرات التاريخية طويلة الأمد، التي تشقّ طريقها في المشهد الدولي بشكل موضوعي يشبه الحتمية التاريخية وتسهم في تشكيل وجه العالم، مثل الصعود الاقتصادي للصين والتراجُع النسبي للمكانة الأمريكية بفعل مجموعة من العوامل المحلية والدولية. هذه الملفات أو التوجُّهات الدولية تفرض نفسها على جدول أعمال أي إدارة أمريكية في البيت الأبيض من المعسكرين السياسييْنِ اللَذين لا يمكنهما تجاهُلها.
وخلافًا للتغيُّرات التاريخية طويلة الأمد، تواجه السباقات الانتخابية عادة أزمات طارئة قد تنشأ خلال فترة الحملات الانتخابية، وتفرض نفسها على جدول أعمال الانتخابات وخطابات المرشحين وسجالاتهم في المناظرات، وقد تطيح بأحد المرشحين وتمنح الفوز لمرشح آخر، ومن هذه المفاجآت ما يُعرف في قاموس السياسات الأمريكية بـ"مفاجأة أكتوبر" التي قد تحدث في الشهر الأخير قبل الانتخابات وربما في الأسبوع الأخير، مثل الفيديو الذي نُشر قُبيل انتخابات 2016 ويُظهِر حديثًا فاضحًا لدونالد ترامب[7]، وإطلاق مكتب التحقيقات الفيدرالي ((FBI تحقيقًا في تورُّط الحملة الانتخابية لترامب في علاقة مع الحكومة الروسية لتتدخل لصالحها في الانتخابات الرئاسية عام2016[8]، وفي المقابل إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي قُبيل الانتخابات بأسبوع فتح تحقيق في استخدام المرشحة الديمقراطية المنافسة هيلاري كلينتون بريدها الإلكتروني الشخصي في مراسلات سياسية[9]. ولا زال فريق من الديمقراطيين وآخر من الجمهوريين حتى اليوم يتهمون مكتب التحقيقات الفيدرالي بتعمُّد إلحاق الضرر بهم في الانتخابات من خلال توقيت إعلان هذه التحقيقات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن وقوع مفاجأة قُبيل الانتخابات لا يضمن فعاليتها في تحديد نتيجة السباق الانتخابي.
السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة بايدن:
ارتبط شعار حملة جو بايدن الانتخابية التي أفضت إلى فوزه بالرئاسة "أمريكا عائدة" بالسياسة الخارجية بالدرجة الأولى[10]، رغم أنه يبدو عليه التلاعب اللفظي باستبدال كلمة "أولًا" من شعار الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن مؤداه هو أن الإدارة الجديدة تهدف إلى إصلاح الضرر الذي ألحقه ترامب بمكانة أمريكا العالمية؛ حيث أفسد العلاقات مع حلفاء أمريكا في أوروبا وآسيا، وزاد حدة التوتر مع خصومها مثل إيران وفنزويلا والعرب والفلسطينيين، كما تورط في حرب تجارية مع الصين تركت العلاقات بين واشنطن وبكين في أسوأ حال منذ عودتها زمن الرئيس نيكسون مطلع السبعينيات.
التجسيد الأبرز للسياسة التي افترق فيها بايدن عن ترامب كان إعادة النظام الدولي متعدد الأقطاب الذي تثمّن فيه أمريكا دور المنظمات والاتفاقيات الدولية؛ لذلك أعاد بايدن ضم أمريكا إلى اتفاقية باريس للمناخ[11]، ومنظمة الصحة العالمية، وأعاد موقع أمريكا المتصدر لجهود مكافحة المناخ العالمية، كما تبوأت واشنطن مكانة أكثر ريادية في جهود مكافحة فيروس كورونا مما كانت عليه زمن ترامب[12].
لكن سياسة بايدن الخارجية لم تخلُ من أوجُه الشبه مع سياسة ترامب، خاصة إعلانها تبني "سياسة خارجية من أجل الطبقة الوسطى"[13] التي تربط الدبلوماسية الأمريكية بالأمن والسلام والرخاء داخل الولايات المتحدة، والتي وُصفت بأنها نسخة منمّقة من التفات ترامب إلى داخل الولايات المتحدة وتجاهُله السياسة الخارجية في كثير من الملفات. يظهر ذلك جليًا في ثلاثة أمثلة: الانسحاب العسكري من أفغانستان، وملف الهجرة، وإعادة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
نفّذ بايدن الانسحاب العسكري من أفغانستان الذي تفاوض عليه ترامب دون استشارة حلفاء واشنطن، ودفعت لأجل ذلك إدارته والسياسة الخارجية الأمريكية على المدى الطويل ثمنًا سياسيًا باهظًا[14]، أيضاً لم يضع بايدن ملف إصلاح الهجرة في رأس أولوياته، بعد أن قيّدها ترامب إداريًا وقانونيًا وخفّض عدد الموظفين المسؤولين عن تيسيرها بدرجة كبيرة[15]، ولم يتمكن حتى الآن من التوصل مع الاتحاد الأوروبي إلى صيغة واضحة للتعريفات الجمركية على الحديد والصلب التي فرضها ترامب وأزالها بايدن مؤقتًا حتى التوصل إلى صيغة جديدة[16].
يعود سبب تعثُّر مفاوضات إعادة العلاقات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي إلى اختلاف الرؤى بين الطرفين حول التعريفات الجمركية. كان الرئيس ترامب قد فرض رسومًا على الصلب المستورد من جميع أنحاء العالم بما في ذلك الدول الحليفة لأمريكا، في حين ينوي بايدن حصر هذه الرسوم بالدول التي لا تلتزم بمعايير مكافحة المناخ، وعمليًا ستفرض مبادرة بايدن رسومًا على بعض خصوم الولايات المتحدة التي لم تستطع أصلًا تحقيق معايير الدول الغربية في انبعاثات الكربون، لكن الخلاف مع أوروبا مردّه إلى أنها تملك أصلًا مبادرة خاصة بها تسمى "ضريبة الكربون" التي تفرض رسوماً على البضائع التي يؤدي إنتاجها إلى انبعاثات كربون فوق الحدّ المسموح، وأن الولايات المتحدة تُقدِّم حوافز أكبر بكثير من أوروبا للشركات الراغبة بإنتاج مواد تقلل انبعاثات الكربون مثل السيارات الكهربائية، لذلك تخشى أوروبا من هجرة المصانع إلى أمريكا، ومن هذا المنطلق تأجّلت المفاوضات التي كان من المفترض أن تنتهي في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى كانون الثاني/ يناير في عام 2024[17].
ورغم استمرار الحاجة لقيادة أمريكية عالمية لدى العديد من الحكومات حول العالم، لكن الواقع الذي فرض نفسه على المشهد العالمي بعد فترة رئاسة ترامب ينبئ بأن هذه الحاجة باتت أقل. دول الاتحاد الأوروبي التي تُعَدّ الحليف الأقرب إلى أمريكا قد لا تكون مستعدة للتضحية بعلاقاتها مع الصين لخدمة أهداف ومصالح واشنطن، خاصة بعد الدرس القاسي الذي تعلمته إثر الغزو الروسي لأوكرانيا الذي خلّف اختلالاً في الطاقة ومخزون بعض المواد الأساسية في دول أوروبا الغربية، لكن الغزو أكد في الوقت نفسه ضرورة وجود حليف بحجم الولايات المتحدة.
على صعيد العلاقات الأمنية مع أوروبا، تركت رؤية إدارة ترامب للعلاقات مع الدول الأوروبية أثراً عميقاً ما زال بايدن يحاول تجاوُزه، انطلقت رؤية إدارة ترامب التي ما تزال متجذرة حتى اليوم في اليمين المتطرف الصاعد في صفوف الحزب الجمهوري من أن الصين تمثل التهديد الأبرز للولايات المتحدة، لذلك ينبغي أن تركز على ردعها في قارة آسيا، وبالتالي فإن أي تهديد للدول الأوروبية في روسيا وأوكرانيا على سبيل المثال هو مشكلة أوروبية لا تخص واشنطن بالدرجة الأولى. يحذر أصحاب هذا التوجُّه من أن إمداد أوكرانيا بالمال والسلاح يستعدي روسيا أكثر ويدفعها في النهاية إلى حضن الصين التي تمثل التهديد الأكبر لأمريكا[18].
على الجانب الآخر تقع الرؤية التقليدية للسياسة الخارجية الأمريكية المرتبطة بالمنظومة العالمية التي بنتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، والتي تُعَدّ أوروبا وَفْقَها شريكًا لا يمكن الانفكاك عنه، وترى أن الانفصال عن حلف الناتو يضعف موقف واشنطن في منافستها المستمرة والمتصاعدة مع الصين، في حين تقوي الشراكة مع أوروبا موقف أمريكا في آسيا بشكل مباشر، مثل التعاوُن مع بريطانيا لإنتاج غواصات نووية لردع الصين في أستراليا وَفْق اتفاقية "أوكوس AUKUS "[19]، وبشكل غير مباشر بتقديم نموذج للدول الآسيوية على وقوف أمريكا مع حلفائها في أوروبا في أوقات الأزمات.
أما على صعيد الشرق الأوسط، رغم دفاع الديمقراطيين الشديد عن الاتفاق النووي الإيراني في النقاشات السياسية في أروقة الكونغرس وعلى شاشات الإعلام وفي الخطابات والمناظرات، لكن إدارة بايدن لم تسرع لإعادة إبرام الاتفاق، وما زالت حتى الآن تتفاوض للتوصل إلى صيغة تعيد الاتفاقية وتحفظ لواشنطن ولحلفائها مصالحهم، وقّعت واشنطن اتفاقًا مع طهران في أيلول/ سبتمبر 2023 يقضي بإطلاق سراح خمسة سجناء أمريكان مقابل إطلاق سراح خمسة سجناء إيرانيين، إضافة إلى السماح إلى الحكومة الإيرانية بالوصول إلى 6 مليارات دولار كانت محتجَزة في كوريا الجنوبية. تاريخيًا ربطت واشنطن بين إطلاق سراح أسراها لدى طهران بإطلاق أموالها المحتجَزة في حوادث مشابهة في الأعوام 1981 و1991 و2016 مع توقيع الاتفاق النووي.
خلال عام 2023، اتخذت إدارة بايدن خُطوات لتخفيف التوتر مع طهران وإعادة بناء الثقة لخدمة المفاوضات؛ امتنعت واشنطن عن فرض عقوبات مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، وسمحت لها بتوسيع نطاق صادراتها[20]، ولم تضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لفرض المزيد من الضغوط على طهران، التي بدورها اتخذت خُطوات لخفض التوتر أيضًا بتقليل الهجمات بالوكالة على القوات الأمريكية، وخفض وتيرة تخصيب اليورانيوم، والسماح نسبيًا بالمزيد من المراقبة الدولية على برنامجها النووي، ولكن رغم ذلك، لم تستأنف المفاوضات حتى الآن[21].
وأخيراً يبدو جليًا عدم اختلاف سياسة الرئيس بايدن عن خلفه ترامب فيما يتعلق بتقديم الدعم العسكري والمالي غير المشروط لإسرائيل، ففي حين اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبشرعية احتلالها للجولان، وبشرعية البضائع المنتَجة في المستوطنات، أعلن بايدن دعمه الصريح للحرب الإسرائيلية ضد غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 رغم الخسائر البشرية والمادية التي تتسبب بها الحرب حتى الآن، ولا يتوقع أن يتراجع بايدن عن هذا الدعم نظرًا إلى اتفاق التيار العامّ في الحزبين عليه من جهة، وخلفية بايدن الداعمة للاحتلال الإسرائيلي منذ بداية مسيرته السياسية قبل خمسين عامًا من جهة أخرى[22].
توجُّهات السياسة الخارجية لدى مرشحي الرئاسة 2024:
في 25 نيسان / إبريل 2023، أعلن الرئيس بايدن ترشُّحه لولاية رئاسية ثانية خلال الانتخابات المقبلة في عام 2024. تقضي تقاليد الأحزاب السياسية الأمريكية بألا يترشح مرشح آخر لمنافسة الرئيس من الحزب نفسه إذا وافق الحزب على إعادة ترشيحه لولاية ثانية، ورغم ذلك لم تخلُ الانتخابات من إعلان مرشحين من الحزب نفسه رغبتهم في منافسة بايدن، وأبرزهم دين فيليبس عضو مجلس النواب من ولاية مينيسوتا، وماريان ويليامسون الكاتبة والمرشحة السابقة للرئاسة، وروبرت كينيدي المحامي المتخصص في قضايا البيئة، ولا يملك حتى الآن فيليبس وويليامسون وكينيدي وغيرهم من المرشحين الديمقراطيين شعبية أو تمويلًا يمكّنهم من منافسة بايدن باعتباره مرشح المؤسسة الحاكمة للحزب، لكنهم لا يزالون مرشحين محتملين وفقًا لبعض التحليلات[23].
وقبل استعراض توجُّهات المرشحين، نشير إلى أن أكثر ملفّ تتوافق حوله الغالبية العظمى من مرشحي الرئاسة الأمريكية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري هو تأييد وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية في مختلف محطات صراعها مع الفلسطينيين بغض النظر عن الانتهاكات الموثقة التي مارستها وتمارسها للقانون الدولي، وتجاهُل حقوق الفلسطينيين الموثَّقة وفقًا للقوانين الدولية، في معارضة واضحة لمواقف معظم دول العالم بدليل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تصوّت لصالح الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وآخِرها القرار الداعي إلى "هدنة إنسانية في غزة"[24] الذي صوّتت ضده واشنطن، وقبله العديد من القرارات التي أبرزها القرار 242 الذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من كامل الأراضي التي احتلتها عام 1967 والذي صوّتت لصالحه الولايات المتحدة، وسعت منذ ذلك الحين إلى الوقوف ضد ما جاء فيه[25].
وفيما يلي توجُّهات المرشحين الديمقراطيين تجاه قضايا السياسة الخارجية، وبعدها توجُّهات أبرز المرشحين الجمهوريين الذين يُرجَّح أن يواجهوا بايدن في انتخابات 2024.
● يشترك دين فيليبس Dean Philips مع بايدن في إيمانه بضرورة توثيق العلاقات مع حلفاء واشنطن في الخارج لمواجهة التحديات العالمية مثل تغيُّر المناخ وانتشار الأسلحة النووية والإرهاب، ويدعو في الوقت نفسه إلى فتح قنوات دبلوماسية مع كل من الصين وروسيا. وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، فيليبس داعم لإسرائيل، ويدعو في الوقت نفسه إلى حلّ الدولتين[26].
● أما ماريان ويليامسون، فأبرز أفكارها في السياسة الخارجية اقتراحها إنشاء وزارة للسلام توازن ثقل وزارة الدفاع الأمريكية من خلال التركيز على الحدّ من الصراعات، وإبدال الدعم العسكري ببرامج صُنع السلام، وزيادة الإغاثات الإنسانية، كما تدعو إلى إنهاء الإمبريالية الأمريكية المتمثلة في تفضيل التدخلات العسكرية والاقتصادية على حقوق الإنسان، وتتبنى نهجًا أكثر تعاونية في إدارة العلاقات الدولية. تؤيد تقديم الدعم إلى أوكرانيا، ومحاسبة روسيا على جرائم الحرب التي ارتكبتها، وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، هي مؤيِّدة لحل الدولتين، وقد انتقدت السجلّ الحقوقي لكل من اليمن والسعودية[27].
● رغم عدم تمتُّع روبرت كينيدي، ابن أخ الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي، بثِقَل شعبي كافٍ لمواجهة بايدن في الانتخابات الرئاسية، لكنه يُعَدّ من أبرز الأصوات الديمقراطية المعارضة لتقديم الدعم لأوكرانيا في مقاومتها لروسيا. يصرح كينيدي باعتقاده بأن الغزو الروسي كان نتيجة لاستفزاز مستمرّ من قِبل حلف الناتو منذ التسعينيات وبداية الألفية، واصفًا الولايات المتحدة بـ “القوة الإمبريالية"، وداعيًا إلى التخلي عن مفهوم "الإمبراطورية" الأمريكية وإعلاء صوت السلام بدلًا من ذلك.
● يُعَدّ دونالد ترامب أبرز المرشحين لمنافسة بايدن في انتخابات الرئاسة 2024، إذ يحظى بتأييد ما لا يقلّ عن 40 بالمئة من الأمريكان[28]، في حين يتفوق عليه بايدن بواحد في المئة فقط[29]. لطالما تفاخر ترامب بعلاقته بالزعماء المستبدين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ والكوري الشمالي كيم جونغ أون، التي تتراوح بين العلاقة الودية والاحترام المتبادَل. يعتقد ترامب بضرورة وجود هذا الاحترام المتبادل مع هذه الدول لضمان عدم تحالُفها معًا بقيادة الصين لتشكِّل تهديدًا لأمريكا.
وفيما يتعلق بالعلاقات التجارية والاقتصادية عمومًا، يضع ترامب جميع دول العالم بما فيها حلفاء الولايات المتحدة في خانة واحدة، مثلما فعل في فترة رئاسته حين فرض على منتجاتها رسومًا جمركية، ويدّعي ترامب أن بإمكانه إنهاء الصراع الروسي الأوكراني في ظرف 24 ساعة من خلال التوسُّط لعقد لقاء بين زعيمَي البلدين، في حين يرفض إرسال قوات أمريكية لدعم تايوان حتى إذا احتلتها الصين، ويشارك ترامبَ مواقفَه في السياسة الخارجية السياسيون المنتمون إلى اليمين الجمهوري المتطرف الجديد، مثل رون ديسانتيس ومات غيتز ولورين بويبرت.
أما فيما يتعلق بموقفه تجاه فلسطين، فقد حضر ترامب مؤتمراً لليهود الجمهوريين حيث حظي بترحيب وتصفيق الحضور، وأعلن تأييده للحملة الإسرائيلية ضد غزة، وتعهد بوقف تأشيرات سفر النشطاء المؤيدين لفلسطين[30]. لكن تعليقاته المباشرة بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 الذي نفذته حماس ضد إسرائيل لم تُعجِب عددًا من السياسيين الجمهوريين المؤيدين لإسرائيل. ترامب انتقد نتنياهو وحمّله مسؤولية الفشل الإستراتيجي، ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي بـ “الأحمق"، مشيرًا إلى أن تصرُّفات نتنياهو ومسؤوليه هوجاء وغير مسؤولة، وأن "حزب الله" الذي وصفه بـ "الذكي جداً" هو وحماس سيستغلان ذلك ويبادران بالمزيد من الهجمات[31]. لذلك لا يرجح أن تتراجع الولايات المتحدة عن دعمها لإسرائيل في حال تولي ترامب الرئاسة.
● ثاني أبرز منافسي بايدن، الذي ما زال يلي ترامب بفارق كبير، هو حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس الذي يشترك مع ترامب في الكثير من المواقف تجاه قضايا السياسة الخارجية. يعتقد ديسانتيس أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إظهار قوتها العسكرية والاقتصادية لردع الصين التي يصفها بالتهديد الأكبر للولايات المتحدة، في حين يرفض تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا تجنُّبًا لاستعداء روسيا ودفعها إلى أحضان الصين، ويصف الخلاف بين روسيا وأوكرانيا بأنه خلاف على مساحة من الأراضي[32]. كما يتعهد ديسانتيس بأن يكون أكثر رئيس مؤيِّد لإسرائيل[33]، ودعا في أكتوبر 2023 إلى حظر المجموعات الطلابية المؤيدة لفلسطين من الجامعات في ولاية فلوريدا[34].
● المبعوثة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي ربما تكون أخبر المرشحين الجمهوريين بالسياسة الخارجية؛ اقترحت في السابق إنهاء العلاقات التجارية مع الصين على خلفية افتراض تورُّط بكين في إشعال فتيل أزمة مخدرات "الفنتانيل" في أمريكا، وحظر جميع أنشطة الضغط السياسي المُمارَسة لصالح الحكومة الصينية، كما انتقدت سجلّ كل من ترامب وبايدن المتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه الصين، وكررت مرارًا مقولة: "أي نصر لروسيا هو نصر للصين"، كما تعهدت بدعم تايوان عسكريًا إذا تعرضت لغزو صيني[35]. وهي من داعمِي إسرائيل أيضًا، ومن المزاودين على غيرها من السياسيين الذين لم يقدموا ما يكفي من الدعم لإسرائيل باعتقادها، مثل انتقادها لتحميل ترامب مسؤولية الفشل الاستخباراتي في أكتوبر 2023 لنتنياهو وحكومته[36].
● نائب الرئيس ترامب السابق مايك بينس من المرشحين الجمهوريين الأقل حظًا من حيث الشعبية أيضًا، أعلن بينس خلال مشاركته في تجمُّع انتخابي لليهود الجمهوريين انسحابه من السباق الرئاسي[37]. ينتقد بينس مواقف السياسيين الداعين إلى الانعزالية السياسية الشبيهة بسياسة ترامب الخارجية، في حين يدعو إلى فتح المزيد من العلاقات الدبلوماسية لخدمة المصالح الأمريكية وتعزيز المكانة القيادية للولايات المتحدة في العالم، بما يشمل تقديم الدعم لأوكرانيا في مقاومتها لروسيا، ويصف بوتين بمجرم الحرب، والصين بأنها أكبر تهديد للولايات المتحدة، وهو مؤيد لإسرائيل، وقد كان عضوًا في إحدى أكثر الإدارات الأمريكية خدمة لإسرائيل وهي إدارة ترامب.
خاتمة:
يُتوقَّع أن تترك الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024 تأثيرًا على السياسة الخارجية الأمريكية، تكمن أهمية هذه الانتخابات في التبايُن بين الحزبين الرئيسيين - الديمقراطي والجمهوري - فيما يتعلق بعدد من القضايا الخارجية، مثل الغزو الروسي لأوكرانيا والعلاقة مع الصين والملفّ النووي الإيراني، وتغيُّر المناخ.
وسيعتمد نهج الإدارة الجديدة في البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير 2025 تجاه معظم قضايا السياسة الخارجية على موقفها تجاه القضايا الخارجية الكبرى، مثل قراءتها للعلاقة مع الصين التي ستحدد سياستها تجاه دول آسيا؛ إذ يرى الجمهوريون في بكين خصمًا لا يمكن التعاوُن معه، وينبغي فرض أكبر عدد ممكن من العقوبات الاقتصادية عليه، في حين يؤمن الديمقراطيون بحتمية المواجهة مع الصين من خلال العقوبات أيضاً، ولكن بالإضافة إلى توثيق عُرَى التحالُفات التي لم يُولِ لها الجمهوريون اهتمامًا مع حلفاء أمريكا في شرق آسيا وجنوبها مثل كوريا الجنوبية واليابان وتايوان ودول آسيا.
ومن القضايا الكبرى التي ستحدد سياسة أمريكا تجاه أوروبا والشرق الأوسط، الموقف الأمريكي تجاه أوكرانيا؛ وتجاه إيران، حيث يرى الجمهوريون ضرورة وقف الدعم العسكري لأوكرانيا الذي من شأنه أن يدفع روسيا إلى أحضان الصين، ويمكن أن يترتب على ذلك إضعاف لأقوى حلف للولايات المتحدة مع الدول الأوروبية كما يرفض الجمهوريون الاتفاق النووي مع إيران، وفي الجهة المقابلة، يعتقد الديمقراطيون بضرورة مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا لمقاومة الغزو الروسي بما يشمل تعزيز العلاقات مع الدول الأوروبية التي تُمثِّل خطّ المواجهة مع موسكو والعمل لإعادة الاتفاق النووي مع إيران.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)
الهوامش:
[1]Jonathan Masters and Will Merrow, how much aid has the US sent Ukraine? Here are six charts, council on Foreign Relations, 21 September 2023, available at:Link
[2] The Legislative Branch, The White House website, available at: Link
[3] FP Editors,Think again: Clinton’s foreign policy, Foreign Policy, 19 November 2009, available at: Link
[4] Executive Orders: An Introduction, Congressional Research Service, 29 March 2021, available at:Link
[5] Joel Rose, Legacy of president Trump's travel ban will be hard for Biden to erase, npr, 20 January 2021, available at:Link
[6] Nicholas Burns, American Diplomats Are Being Persecuted by Their Own President, The New York Times, 2 October 2019, available at:Link
[7] David Fahrenthold, Trump recorded having extremely lewd conversation about women in 2005, The Washington Post, 8 October 2016, available at: Link
[8] Eric Lichtblau, Investigating Donald Trump, F.B.I. Sees No Clear Link to Russia, The New York Times, 31 October 2016, available at:Link
[9] David Smith, The Hillary Clinton email controversy explained: what we know so far, The Guardian, 1 November 2016, available at: Link
[10] Remarks by President Biden on America’s Place in the World, The White House, 4 February 2021, available at:Link
[11] UN Welcomes US Announcement to Rejoin Paris Agreement, United Nations Climate Change, 21 January 2021, available at: Link
[12] Stephen Walt, Trump’s Final Foreign-Policy Report Card, Foreign Policy, 5 January 2021, available at: Link
[13] Salman Ahmed Et. al, Making U.S. Foreign Policy Work Better for the Middle Class, CARNEGIE, 23 September 2020, available at:Link
[14] Madiha Afzal, What the Biden administration’s report on the Afghanistan withdrawal gets wrong, BROOKINGS, 5 May 2023, available at: Link
[15] How Biden’s Promises to Reverse Trump’s Immigration Policies Crumbled, The New York Times, 6 October 2023, available at: Link
[16] Kim Mackrael, U.S. and Europe Clash Over Trump-Era Tariffs, The Wall Street Journal, 14 October 2023:Link
[17] Steel Talks Stall Before US-EU Summit, Risking Tariff Return, Bloomberg, 19 October 2023, available at: Link
[18] Paul Poast, The U.S. Still Needs Europe to Compete With China, World Politics Review, 28 April 2023, available at:Link
[19] Judah Grunstein, The AUKUS Deal Is a Clarifying Moment for Biden’s Foreign Policy, World Politics Review, available at: 21 September 2021: Link
[20] Henry Rome Et. al, Infographic: A Visual Guide to Iran’s Soaring Oil Exports, The Washington Institute for Near East Policy, 15 September 2023, available at: Link
[21] Henry Rome, The Iran Hostage Deal: Clarifying the $6 Billion Transfer, The Washington Institute for Near East Policy, available at: 18 September 2023:Link
[22] Haidar Eid, In dehumanising the Palestinians, Biden has surpassed Trump, Aljazeera, 29 October 2023, available at: Link
[23] John Nichols, Biden’s Primary Challenges Are Much More Serious Than DC Insiders Think, The Nation, 20 October 2023, available at:Link
[24] الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قراراً عربياً لهدنة إنسانية في غزة، الجزيرة نت،27 تشرين الأول / أكتوبر 2023، Link
[25] Michael Young, Resolving resolution 242: the UN ruling at the heart of the Arab-Israeli conflict, Carnegie Middle East Center, 10 January 2018, available at:Link
[26] Ian Ward, 55 Things You Need to Know About Dean Phillips, Politico, 27 October 2023, available at: Link
[27]Marianne Williamson’s Foreign Policy, CFR, 23 September 2020, available at: Link
[28] Do Americans have a favorable or unfavorable opinion of Donald Trump?, ABC News, 30 October 2023, available at:Link
[29] Do Americans have a favorable or unfavorable opinion of Joe Biden?, ABC News, 30 October 2023, available at: Link
[30] Ben Samuels, Trump Hailed at Republican Jewish Summit, Vows to Cancel pro-Palestinian Protesters' Visas, Haaretz, 28 October 2023, available at:Link
[31] Soo Rin Kim Et. al, Trump criticized for calling Hezbollah 'very smart' as he talked of potential risk to Israel, ABC New, 13 October 2023, available at:Link
[32] Nicholas Nehamas, DeSantis Says He Will ‘Reorient’ U.S. Foreign Policy to Counter China, The New York Times, 27 October 2023, available at:Link
[33] تغريدة من حساب ديسانتيس على موقع X 25 أيار/ مايو 2019، ?lang=en"> ?lang=en">Link
[34] Edward Helmore, Ron DeSantis defends call to ban pro-Palestinian groups from Florida colleges, The Guardian, 29 October 2023, available at: Link
[35] Ebony Davis, Nikki Haley says she views China ‘as an enemy’ in pointed rebuke, CNN, 10 September 2023, available at:Link
[36] Nnamdi Egwuonwu, Nikki Haley swipes at Trump as GOP candidates tout staunch support for Israel, NBC News, 28 October 2023, available at:Link
[37] Mike Pence drops out of presidential race at Republican Jewish conference, Times of Israel, 29 October 2023, available at: Link