زيارة الوفد الحوثي إلى الرياض: خُطوة باتجاه شَرْعَنة جماعة الحوثي على حساب الحكومة الشرعية
2023-09-221089 مشاهدة
استضافت العاصمة السعودية الرياض للمرة الأولى منذ بداية الحرب في اليمن، وفد جماعة الحوثي برئاسة الناطق باسم الجماعة محمد عبد السلام. وتأتي الاستضافة بوساطةٍ وجُهودٍ عُمانية، وعقب زيارة وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان إلى سلطنة عمان في 11 أيلول/ سبتمبر 2023، ولقائه مع السلطان هيثم بن طارق. عقب الزيارة نشرت الخارجية السعودية يوم 14 أيلول/ سبتمبر بياناً تدعو فيه وفد جماعة الحوثي إلى زيارة الرياض من أجل استكمال اللقاءات، التي قالت إنها امتداد للمبادرة السعودية التي أُعلنت في شهر آذار/ مارس 2021 من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في اليمن، ومواصلة للقاءات التي عُقدت في صنعاء في الفترة بين 8-15 نيسان/ إبريل 2023، بين وفد سعودي برئاسة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، ووفد جماعة الحوثي، وبمشاركة ووساطة عمانية.
لضرورة فَهْم السياق، ينبغي أن نذكر أنه في بداية شهر نيسان/ إبريل من عام 2022، أُعلنت هدنة برعاية أممية لمدة شهرين، نتج عنها فتح مطار صنعاء، وتسهيل إجراءات دخول السفن إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين. وتم تجديد الهدنة مرتين، ليتم الإعلان عن تعثُّر تجديد الهدنة بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام ذاته، لكن الوضع لم يتغير، واستمرت حالة الهدنة غير المعلنة، وبقيت اليمن في حالة اللاسلم واللاحرب.
خلال فترة الحرب عُقدت العديد من المفاوضات بين جماعة الحوثي والحكومة الشرعية، لكنها جميعها باءت بالفشل. وعقب الإعلان عن مصالحة سعودية إيرانية في 10 آذار/ مارس من العام الجاري، بدأت جولة جديدة من المفاوضات في شهر نيسان/ إبريل، لكن هذه المرة بين السعودية وجماعة الحوثي بشكل مباشر، في ظل تغيُّب للشرعية اليمنية، الطرف الآخر من الصراع، وعلى الرغم من تعثُّر المفاوضات، إلا أن زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء، ومناقشته بصورة مباشرة العديد من القضايا مع الحوثيين شكّلت تقدُّماً ملحوظاً، وتمهيداً لجولة ثانية من المفاوضات.
ومع تحرُّك وفد جماعة الحوثي برفقة وفد عماني من صنعاء إلى العاصمة السعودية الرياض يوم 14 أيلول/ سبتمبر، بدأت الجولة الثانية من اللقاءات بين الحوثيين والسعودية، والتي من المتوقع أن ينتج عنها إعلان عن مُخرَجات خلال الأيام القادمة، قد تُغيِّر معادلة الأزمة اليمنية.
من ناحية أخرى، فقد أعلنت الحكومة الشرعية، التي غُيِّبت عن المفاوضات، عن ترحيبها بأي عملية سلام وفقاً للمرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية التي نقلت السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح إلى عبد ربه منصور عَبْر استفتاء شعبي، ومؤتمر الحوار الوطني الذي جمع الأطراف اليمنية ونتجت عنه فكرة اليمن الاتحادية، والقرار الأممي 2216 الذي يقضي بحظر توريد الأسلحة لجماعة الحوثي)، وحذر البرلمان من أيّ اتفاقيات خارج هذه المرجعيات، ورحّب مجلس الشورى بأي عملية سلام وفقاً للمرجعيات. كما رحّبت الخارجية الأمريكية، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، وبريطانيا، ومجلس الأمن بجهود السلام التي تقودها السعودية وسلطنة عُمان.
وفقاً لما ذُكر أعلاه، فإن المفاوضات الحالية تهدف إلى إغلاق ملفّ اليمن بالنسبة للسعودية، التي استُنزفت خلال السنوات الماضية في حرب اليمن، وتحويلها من طرف في الصراع إلى وسيط للحلّ بين الأطراف اليمنية. وفي حال تم الإعلان عن اتفاق بين الطرفين دون مراعاة المرجعيات الثلاث، فإن الاتفاق سيكون عبارة عن هدنة مفتوحة، وتأجيل للصراع مع الاعتراف الضمني بشرعية جماعة الحوثي كجماعة مسلحة، إذ إن جماعة الحوثي لم تستجِبْ لأي عملية مفاوضات سابقة تَفرض عليها تسليمَ السلاح، واستجابتها للمفاوضات الحالية هي نتيجة ما ستحصل عليه من مكاسب، حيث سيزيد فتح الموانئ والمطارات والرفع من الإيرادات من قوتها، التي ستكون بمثابة فرصة لها للتجهُّز لمعارك قادمة، من أجل استئناف الصراع، ومحاولة السيطرة والتوسُّع مجدداً، وستبقى الجماعة محلّ تهديد مستمرّ للسعودية ما دامت تملك قوة عسكرية.