على الحلفاء الغربيين استعادة زمام المبادرة  بشأن بوتين في البحر الأسود

على الحلفاء الغربيين استعادة زمام المبادرة بشأن بوتين في البحر الأسود

2022-02-28
2719 مشاهدة

 إن إعادة بناء الثقة بين الولايات المتحدة وتركيا من شأنه أن يخلق مجالاً لاتخاذ تدابير لمواجهة غزو أوكرانيا

بن هودجز *

 

 كَسْب المبادرة والاحتفاظ بها هو هدف كل قائد. عندما تكون قادراً على اختيار زمان الهجوم ومكانه، وإبقاء العدو في حالة تخمين حول الطريقة التي قد تتصرف بها، يمنحك ميزة كبيرة؛ أما تسليم زمام المبادرة للعدو، فيجعلك في وضع غير مُواتٍ. لقد حان الوقت بالنسبة لنا كغرب، أن نستعيد زمام المبادرة في منطقة البحر الأسود الكبرى، وأن نجعل الكرملين يقلق بشأن ما نقوم به، بدلاً من الانتظار لنرد الفعل على ما يفعلونه.  في هذا الصدد، تُعتبر علاقتنا مع تركيا، حليف الناتو، غاية في الحيوية.

 

 على مدى السنوات القليلة الماضية، دارت معظم المناقشات حول أمن أوكرانيا كما لو كانت هذه الدولة الواقعة في قلب أوروبا جزيرة معزولة.  وكان الجدل الدائر حول تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بصواريخ "جافلين" أو أنظمة الدفاع الجوي "ستينغر" يعكس هذا الالتباس.  لكن الأهمية الإستراتيجية لأوكرانيا ترجع إلى موقعها على الخريطة- على الساحل الشمالي للبحر الأسود، وهي منطقة ذات أهمية إستراتيجية لنا وكذلك لروسيا.

 

 إبّان حكم كاترين العظيمة، استولت الإمبراطورية القيصرية على شِبه جزيرة القرم في عام 1783. وكان الهدف هو منح روسيا منفذاً للمياه الدافئة على البحر الأسود طيلة العام. وبسبب قرب شِبه جزيرة القرم من المضائق التركية، اكتسبت روسيا منفذاً إلى البحر الأبيض المتوسط، ​​وما وراءه، إلى محيطات العالم.

 

نحن بحاجة إلى إستراتيجية لمنطقة البحر الأسود الكبرى تتضمن إصلاح علاقتنا غير الصحية مع حليفنا التركي؛ حيث إن تركيا بإمكانها منح الغرب أكبر نفوذ محتمل في الأزمة الحالية – وتحديداً، السيادة على المضائق التركية، بتفعيل اتفاقية "مونترو" لعام 1936. جدير بالذكر أن تركيا تملك صلاحية إغلاق المضائق أمام السفن البحرية الروسية بسبب انتهاكاتها للاتفاقية من خلال استخدام الغواصات (العابرة افتراضياً للصيانة في الموانئ الروسية) إلا أنها تقوم بعمليات عسكرية. كما أن غزو ​​الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا هو مبرِّرٌ إضافيٌّ لتركيا لإغلاق المضيق في وجه البحرية الروسية.

 

 إن القيام بذلك من شأنه أن يصدم القادة العسكريين الروس ويجبرهم على التفكير في التداعيات الأوسع لهجومهم على أوكرانيا.  وفي الوقت ذاته، لا بُدّ لتركيا أن تشعر بأنها حليف غربي أساسي في المنطقة، لا مجرد شريك حسب رغبتنا. لقد نفى مسؤول تركي كبير يوم السبت أن تكون تركيا قد أغلقت ممرين مائيين رئيسيين أمام السفن الحربية الروسية، قائلاً: إن أنقرة ما زالت تدرس ردها على مناشدة من "كييف" للقيام بذلك.

 

 ولكن إذا وافقت تركيا على تلك المناشدة، فسيتعين علينا بذل جهد دبلوماسي منسَّق لبناء الثقة في حلفائنا الأتراك بأنهم لن يُتركوا بمفردهم عندما تأتي ردة فعل الكرملين المؤكَّدة.  بالمختصر، لقد حان الوقت لتركيا والولايات المتحدة الأمريكية -عَبْر عملية مخطط لها بعناية- إعادة بناء الثقة بين واشنطن وأنقرة. وتتمثل الخطوة الأولى الجيدة في الكف فوراً عن منح الأسلحة لما يُسمى "وحدات حماية الشعب"، وهي ميليشيا كردية سورية؛ لأن تركيا تعتبرها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني؛ وهو منظمة تقاتل في جنوب شرق تركيا وشمال العراق، وتصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها إرهابية.

 

 لدينا خيارات أخرى على المدى القريب يمكن أن تُحدث فرقاً في حسابات موسكو.  بدايةً، نحن بحاجة إلى ممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية لا هَوادة فيها على روسيا.  ليس من الضروري أن يشير هجوم الكرملين الشامل على أوكرانيا إلى نهاية الدبلوماسية.  في الواقع، تستحق إدارة بايدن الإشادة لجهودها الشاملة التي قد تسفر عن نتائج. ومع ذلك، فإن النقطة الثانية هي أننا بحاجة إلى تنفيذ عقوبات صارمة من شأنها أن توضِّح لروسيا أنها هي"الجزيرة" المعزولة عالمياً، وليس أوكرانيا.

 

 أخيراً، نحتاج إلى تسليح أوكرانيا؛ وهذا سيمنحها القدرة على ضرب جسر مضيق "كيرتش" غير الشرعي، وتهديد القاعدة البحرية الروسية في "سيفاستوبول".  إضافة إلى ذلك لا بُدّ من فرض حجر صحي على القاعدة البحرية الروسية في طرطوس في سورية، وتحدي روسيا في المياه الدولية والمجال الجوي فوق البحر الأسود.  ومن خلال كل هذه الطرق، يمكننا استعادة المبادرة التي سمحنا لموسكو باغتنامها.

 

*شغل الكاتب منصب القائد العامّ لجيش الولايات المتحدة في أوروبا، 2014-2017

تم ترجمة المقال من Financial times