روسيا وكوريا الشمالية تُكشّران عن أنيابهما
2023-10-041052 مشاهدة
نشرت صحيفة الفاينينشال تايمز مقالاً بقلم أندريه لانكوف وهو أستاذ الدراسات الكورية في جامعة كوكمين تحدث فيه عن اجتماع بوتين وكيم في الشهر الماضي في قمة غامضة بشرق روسيا، الذي أثار تساؤُلات حول التعاوُن العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية، خاصة فيما يتعلق بشحنات الذخيرة ونقل التكنولوجيا وعن الهدف من القمة وارتباطها بكوريا الجنوبية بشأن مساعدة الأخيرة المحتملة لأوكرانيا.
نص الترجمة:
في الشهر الماضي، التقى رجلان قويان في مكان يقع أقصى شرق روسيا في القمة الثانية التي تجمع بين فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون في قاعدة فوستوتشني الفضائية (Vostochny Cosmodrome)، وهي قاعدة صواريخ طويلة المدى وصواريخ كبيرة.
هذه المرة، تم التأكيد بشكل كبير على التداعيات العسكرية، وقد شمل الوفدان نسبةً غير عادية من أعلى القادة العسكريين، وبعد وجبة الغداء، قام كيم ومرافقوه بجولة في المنشآت العسكرية الروسية، بما في ذلك قاعدة جوية ومصنع لطائرات مقاتلة، وقام الرئيس الروسي بتقديم بعض الطائرات بدون طيار المنتَجة حديثاً، ومجموعة من الدروع الفائقة التكنولوجيا كتذكار للرئيس كيم.
قد يبدو من المنطقي الاستنتاج أن روسيا على وشك زيادة التعاوُن العسكري مع كوريا الشمالية بشكل كبير، بما في ذلك شراء قذائف كورية شمالية للحرب في أوكرانيا، وهي أيضاً جاهزة لمنح كيم مكافآت مثل الصواريخ، والأقمار الصناعية وتقنيات الغواصات النووية.
لكن مثل هذه الصفقات ستكون خرقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي صوّتت روسيا لصالحها في السابق، ولا يتوقع أحد أن تكون الحكومة الروسية ملتزمة بالقانون بشكل كبير، ولكن لماذا الإعلان عن مثل هذه الصفقات بشكل علني؟ لم يكن من الضروري إحضار كيم نفسه إلى القاعدة الفضائية ومنحه الفرصة للقيام بجولة أمام كاميرات التلفزيون، ربما كان من الممكن لمجموعة من المهندسين وعقداء القوات الجوية بملابس عادية أن يقوموا بمهمة أفضل مع ضمان السرية أو اتباع سياسة الإنكار.
مع تركيز القمة على المظاهر العسكرية مع وابل من التلميحات والتصريحات الملتوية تجعل المرء يشك في أن الحكومة الروسية تريد في الواقع أن يعتقد العالم أنها ستتعاون مع بيونغ يانغ.
عندما يتحدث الناس عن التعاوُن العسكري بين كوريا الشمالية وموسكو، يبرز نمطان: شحنات الذخيرة الكورية الشمالية إلى روسيا، ونقل التكنولوجيا العسكرية الروسية إلى كوريا الشمالية.
إن تقاريرَ حول الإمدادات الكورية الشمالية ظهرت لأول مرة في أيلول/ سبتمبر 2022، ولكن حتى الآن لم يتم استخدام العتاد الذي تم الحديث عنه في ساحات القتال، والحالة المسجَّلة الوحيدة لاستخدام مثل تلك الأسلحة (المدفعية) كانت من قِبل القوات الأوكرانية، التي قيل إنها تلقتها من "دولة صديقة" قامت بمحاصرة سفينة كورية شمالية في البحر.
هذا لا يعني أنه لم يكن هناك أي شحنات، ولكنه يشير إلى أن الكميات ليست كبيرة، وهذا ليس مُستغرَباً فكوريا الشمالية، على الرغم من تسليحها الثقيل، لديها اقتصاد ضئيل مع قدرات إنتاج محدودة.
أما فيما يخصّ نقل التكنولوجيا، الذي تم التلميح له بوضوح خلال القمة، فلا بد من القول إن روسيا ليس لديها الكثير لتستفيد منه، فكوريا الشمالية غير قادرة على دفع السعر المناسب لمثل هذه التكنولوجيات الباهظة، وبمجرد أن يتم إرسال هذه التكنولوجيا، ستفقد روسيا السيطرة وستقوم بيونغ يانغ ببيعها بسعادة إلى أطراف ثالثة، حيث يُعتقَد أنهم قاموا بذلك أكثر من مرة، ففي الثمانينيات، أُفيد أنهم باعوا لإيران نسخاً من الصواريخ السوفيتية باستخدام التكنولوجيا التي سرقتها بيونغ يانغ، ربما عَبْر مصر أو سورية.
وأخيراً وليس آخراً، لن تُرضي مثل هذه الصفقات الدولة الآسيوية الكبيرة الصين، التي تريد كوريا الشمالية مستقرة، ولكن ليست قوية بشكل كبير.
إذاً لماذا يتم استعراض الجانب العسكري؟ الأرجح لإرسال إشارة إلى سيؤول، فقد كان هناك حديث عن أن كوريا الجنوبية ترسل مساعدات قتالية إلى أوكرانيا. تقول سيؤول رسمياً إنها لن ترسل أسلحة، ولكن بعض المحافظين في كوريا الجنوبية يرغبون في القيام بذلك، والضغط يتزايد أيضاً من واشنطن.
سيكون لقرار مثل هذا من سيؤول انعكاسات على أرض الواقع، فكوريا الجنوبية عملاق صناعي، وهي سابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم، وستكون ذخيرتها لها فارق حقيقي، الآن تتلقَّى سيؤول وواشنطن تحذيراً مفاده: إذا أرسلتم الذخيرة لأوكرانيا، يمكن لروسيا الضغط من خلال التنسيق مع كوريا الشمالية، فهل ستتجاهل كوريا الجنوبية مثل هذا التحذير؟ هل سيتحقق الروس من هذه التهديدات؟
ترجمة: عبد الحميد فحام
المصدر: (فاينينشال تايمز)