اندماج الفصائل المسلحة ضِمن الجيش العراقي.. مسار حقيقي أم مناورة؟
2025-12-31102 مشاهدة
أعلنت عدة فصائل عراقية أواخر ديسمبر 2025 موافقتها على خطة حصر السلاح في يد الجيش العراقي، ومن أبرز هذه الفصائل عصائب أهل الحق، وكتائب الإمام علي، والجناح المسلح المرتبط بتيار الحكمة، بالمقابل ربطت كتائب حزب الله العراقي موافقتها على نزع السلاح بانسحاب القوات الأجنبية من العراق، وضمان سلامة الشعب والمقدسات، كما رفضت حركة النجباء خطة حصر السلاح بيد الدولة.
إعلان الفصائل هذا أتى بعد أشهر من الحراك الأمريكي غير المعلن، والضغوطات التي تمارسها واشنطن وإدارة ترامب على الفصائل العراقية والمؤسسات الرسمية لإنهاء وجود السلاح خارج إطار الجيش والمؤسسة الأمنية، والتلويح بالعقوبات الاقتصادية والتصعيد العسكري.
تصنف الفصائل التي وافقت على خطة حصر السلاح بيد الدولة بأنها من ضِمن القوى التي تعمل منذ عدة سنوات على مقاربة جديدة لا تقوم فقط على العلاقة مع إيران، وإنما تأسيس مسار للقوى الشيعية يستند إلى المصالح العراقية لضمان البقاء، بالمقابل فإن الفصائل الرافضة للخطة تُعتبر الأكثر قرباً من إيران، والأوفر حظاً من دعم طهران، لذا فإن رفضها يعبر أيضاً عن موقف الأخيرة.
لا يبدو أن إيران مستعدة في المرحلة الراهنة للتضحية بأوراق قوتها في الساحة العراقية التي تمثل لها عمقاً أمنياً واقتصادياً وسياسياً، وتتيح لها هامش مناورة أوسع، خاصة مع احتمالية اندلاع موجة جديدة من التصعيد الإسرائيلي ضدها، كما أنها لن تتقبل إنهاء أذرعها في العراق مع استمرار وجود نفوذ المنافسين والخصوم، مثل القوات التركية شمال العراق، والقوات الأمريكية المنتشرة في مواقع عديدة.
تشير المعطيات إلى أن طهران تدفع باتجاه دمج هياكل الفصائل المسلحة ضمن الجيش العراقي، لكن من المستبعد أن يكون هذا الاندماج حقيقياً، وإنما على شكل كتل متماسكة تحافظ على هيكليتها، مما يعني الاستفادة من مظلّة الجيش الرسمي لحماية الفصائل، لكن دون التأثير على دورها، أو فقدان طهران لخيار الاستعانة بهذه الفصائل عند الضرورة، أو شعورها بتهديد مصدره الأراضي العراقية.
على الأرجح فإن الجانب الأمريكي سيتجه تدريجياً إلى تشديد الخناق الاقتصادي على الفصائل المسلحة، والعمل على تضييق قدرتها على الاستفادة من المؤسسات الرسمية للتهرب من العقوبات الأمريكية، بطريقة ستعيق تدريجياً قدرة الفصائل على تقديم الدعم المالي لعناصرها، بالإضافة إلى الضغط باتجاه إحداث تغيير في المناصب القيادية ضمن مؤسستَي الجيش والأمن، واستبعاد القيادات المحسوبة على الفصائل المسلحة.
أيضاً، من المتوقع أن تتشدد واشنطن في اشتراط تولي منصب رئيس الحكومة لشخصية غير قريبة من الفصائل المسلحة، مع التلويح بتصعيد العقوبات الاقتصادية، أو حتى الاعتراض على شرعية الانتخابات النيابية الأخيرة حال اتجهت قوى الإطار التنسيقي إلى اختيار شخصية محسوبة على الفصائل العسكرية.
من المحتمل ألا تنتهي في هذه المرحلة كافة أشكال انتشار السلاح خارج نطاق الدولة، لكن بات متوقعاً ان هذه الضغوطات سينتج عنها متغيرات في الوضع الراهن، وهي حلقة جديدة ضمن سلسلة تقليص نفوذ إيران في المشهد العراقي.




